الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

حكم الجلوس لأخذ العزاء

حكم الجلوس لأخذ العزاء 
اعده محمود الانصاري 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد،،
نتطرق في هذا المقالة حكم الجلوس لاخذ العزاء في مكان معين مما يسهل على المعزي تعزية اهل الفقيد ، ومنهم من ذهب على عدم جواز ذلك ، ونحن بمشيئة الله عز وجل سوف بين الرأي الذي ذهب  الي الجواز ، وقولوا في هذة المسالة انها  جائز لا بأس به يعني كون أهل الميت يجتمعون في مكان ويقصدونهم الناس للتعزية, قال الخلال رحمه الله : سهَّل الإمام أحمد رحمه الله في الجلوس للعزاء وممن أخذ بهذا من المتأخرين الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله . واستدلوا على ذلك : ما ثبت في صحيح البخاري حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت(( لما جاء قَتل زيد بن حارثة وجعفر وعبدالله بن رواحة جلس النبي صلى الله عليه وسلم يُعرف فيه الحزن  فأتاه رجل فقال يا رسول الله إن نساء جعفر وذكر بكاءهن فأمره أن ينهاهن عن البكاء وأن يأمرهن بالصبر فذهب الرجل . ))  قالوا هذا يدل على الجلوس من موضعين  :  
الموضع الأول : قول عائشة رضي الله عنها "جلس النبي صلى الله عليه وسلم " وكونه أن هذا الرجل جاء إليه يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس في مكان يقصده الناس فيه والحزن فيه بسبب موت سرية مؤتة.
الموضع الثاني : أنه ذكر أن نساء جعفر فنهاهن النبي صلى الله عليه وسلم عن البكاء فقط وأما الجلوس فلم ينهاهن عن الجلوس ولم يأمرهن بالتفرق  . وعلى هذا يظهر أن هذا جائز ولا بأس به إن شاء الله لكن يُحْذر من المحاذير الشرعية مثلاً بعض الناس يبالغون في الجلوس بكثرة الأطعمة أو بفتح الأنوار أو نحو ذلك , فيجعل الجلوس خاص بالمصابين وإن كان هناك طعام فيكون خاص بالمصاب ومن قدم من مكان بعيد , مع أنه ينبغي لمن قدم من مكان بعيد للتعزية أن لا يجلس وإنما يكون الجلوس خاص بالمصابين .وأما وضع الكراسي وإحضار المقرئين وإلقاء المواعظ ونحو ذلك فهذا كله من المآتم البدعية التي لم يكن عليها سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. .

يقول الشيخ محمد حسين -فقيه الإسكندرية- في كتابه اللمع"ـ إقامة السرادقات لأخذ العزاء من العادات وليست من العبادات, والحكم عليها من قِبَل المصالح, أى النفع والضرر, والحسن والقبح, فإن احتيج إليها للإيواء من الشمس والبرد وللجلوس لعدم وجود مكان يتسع لمن يجئ للعزاء, فهى من المصالح المرسلة يفعلها الناس عادة ولا يتقربون بها إلى الله, يفعلها البروالفاجر, والمسلم وغير المسلم,  وقد ثبت فى البخارى ومسلم أن النبى - صلى الله عليه وسلم - جلس لأخذ العزاء فى قتلى مؤتة. قال الإمام ابن القيم فى إعلام الموقعين: فصل فى تغير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد, قال: هذا فصل عظيم النفع جداّ, وقع بسبب الجهل به غلط غلط عظيم على الشريعة الباهرة التى فى أعلى رتب المصالح لا تأتى به, فإن الشريعة مبناها على الحكم ومصالح العباد فى المعاش والمعاد, وهى كلها عدل ورحمة ومصالح وحكمة, فكل مسألة خرجت عن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة, وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن دخلت فيها بالتأويل. انتهى. 
ويقول الإمام الشاطبى فى الموافقات: إن مثل هذا النوع ينظر فيه على ضوء الشريعة ويجرى الحكم فيه على ما تقرر فى كلياتها, ومن أمثلة ذلك ما أحدثه السلف الصالح من تدوين العلم وتضمين الصناع وما أشبه ذلك مما لم يجر له ذكر فى زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم تكن من نوازل زمانه, ولا عرض للعمل بها موجب يقتضيها, وأن القصد الشرعى فى مثل هذه الأمور معروف من الجهات التى ثبت لها الحكم بالنص, وعلى ذلك فمثل هذا القسم يشرع له أمر زائد يلائم تصرفات الشرع فى مثله وهو المصالح المرسلة. انتهى

ولقد سئل العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين رحمة الله في فتوى موضوعها تحت عنوان لاجتماع للتعزية ثلاثة أيام و رقم الفتوى 8855


السؤال : كثير من الناس إذا مات أحد أقاربهم يجلسون للعزاء ثلاثة أيام في منزل الميت، أو أحد معارفه هل هذا وارد عن النبي - صلى الله عليه و سلم -؟ وهل يجوز ذلك؟

الاجابـة :إذا كان هذا الاجتماع يعم أهل القرية، أو القبيلة كلها ويدوم اجتماعهم ولو كانوا عشرات، أو مئات ويكلفون أهل الميت نفقات وأتعابًا وخسارة تكون من مال اليتامى فهذا لا يجوز، وإن كان الاجتماع خاصًا بأولاد الميت، أو أخوته أوالأقارب وكان القصد أن يجدهم المعزي مجتمعين فيعزيهم ويسليهم ويحثهم على الصبر ويحصل على أجر التعزية لهم كلهم ولا يكلفون اليتامى نفقة ولا مشقة وكان الزائر يرجع فورا بعد تعزيته فلا مانع من ذلك لمصلحة التعزية حتى لا يتكلف المعزي بتتبع منازلهم، أو أماكنهم المتباعدة. والله أعلم. 

وقد عنون الامام البخاري بابا اسماه باب مَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ   :  

الشرح‏:‏  قوله‏:‏ ‏(‏باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن‏)‏ يعرف مبني للمجهول و ‏"‏ من ‏"‏ موصولة والضمير لها، ويحتمل أن يكون لمصدر جلس أي جلوسا يعرف، ولم يفصح المصنف بحكم هذه المسألة ولا التي بعدها حيث ترجم ‏"‏ من لم يظهر حزنه عند المصيبة ‏"‏ لأن كلا منهما قابل للترجيح، أما الأول فلكونه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والثاني من تقريره، وما يباشره بالفعل أرجح غالبا‏.‏  وأما الثاني فلأنه فعل أبلغ في الصبر وأزجر للنفس فيرجح، ويحمل فعله صلى الله عليه وسلم المذكور على بيان الجواز ويكون فعله في حقه قي تلك الحالة أولى‏.‏  وقال الزين بن المنير ما ملخصه‏:‏ موقع هذه الترجمة من الفقه أن الاعتدال في الأحوال هو المسلك الأقوم فمن أصيب بمصيبة عظيمة لا يفرط في الحزن حتى يقع في المحذور من اللطم والشق والنوح وغيرها، ولا يفرط في التجلد حتى يفضي إلى القسوة والاستخفاف بقدر المصاب، فيقتدي به صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة بأن يجلس المصاب جلسة خفيفة بوقار وسكينة تظهر عليه مخايل الحزن ويؤذن بأن المصيبة عظيمة‏.‏

الحديث‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ وَأَنَا أَنْظُرُ مِنْ صَائِرِ الْبَابِ شَقِّ الْبَابِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ لَمْ يُطِعْنَهُ فَقَالَ انْهَهُنَّ فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَزَعَمَتْ أَنَّهُ قَالَ فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ فَقُلْتُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ تَتْرُكْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْعَنَاءِ

الشرح‏:‏  قوله‏:‏ ‏(‏جلس‏)‏ زاد أبو داود من طريق سليمان بن كثير عن يحيي ‏"‏ في المسجد‏"‏‏.‏   قوله‏:‏ ‏(‏يعرف فيه الحزن‏)‏ قال الطيبي‏:‏ كأنه كظم الحزن كظما فظهر منه ما لا بد للجبلة البشرية منه‏.‏  قوله‏:‏ ‏(‏إن نساء جعفر‏)‏ أي امرأته وهي أسماء بنت عميس الخثعمية ومن حضر عندها من أقاربها وأقارب جعفر ومن في معناهن، ولم يذكر أهل العلم بالأخبار لجعفر امرأة غير أسماء‏.‏  قوله‏:‏ ‏(‏وذكر بكاءهن‏)‏ كذا في الصحيحين، قال الطيبي‏:‏ هو حال عن المستتر في قوله فقال وحذف خبر أن من القول المحكي لدلالة الحال عليه، والمعنى قال الرجل إن نساء جعفر فعلن كذا مما لا ينبغي من البكاء المشتمل مثلا على النوح انتهى‏.‏
وفي هذا الحديث من الفوائد أيضا جواز الجلوس للعزاء بسكينة ووقار، وجواز نظر النساء المحتجبات إلى الرجال الأجانب، وتأديب من نهي عما لا ينبغي له فعله إذا لم ينته، وجواز اليمين لتأكيد الخبر‏.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق