بني أمية… التاريخ والمجد؟

بني أمية… التاريخ والمجد؟

بقلم مفرج الدوسري نقلا من جريدة الوطن الكويتية

 المجد يصنعه أهله الذين خلقوا له ممن حملوا ارواحهم على اكفهم، وقلوبهم على اسنة رماحهم، واعينهم تنظر الى مقاطع سيوفهم التي حملتها أيد لا ترتعد؟ وانفس لا تفكر في النجاة حين تدور الرحى في ساحة الوغي ثم تبتعد! اذا حمي الوطيس احتفلوا وتهللت وجوههم وانفرجت سرائرهم، وتراءت صفحات المجد والملك امام اعينهم، لا تربكهم اهوال المعارك، ولا تحبطهم الجراح التي اثخنت الاجساد، ولا يثنيهم عن بلوغ الغايات العظام ورود المهالك، فمن يطلب الملك عليه ان يدفع الثمن، ويكون اهلا لما طلب؟ من يطلب الملك عليه ان يجرد سيفه معتمدا على نفسه ولا يثق بمن ورث الغدر ابا عن جد؟ حلو اللسان خبيث النفس، غير قادر على انتزاع حقد الامس ولو تغير مطلع الشمس! فالعظام تبني أمجادهم سواعدهم وحسن تدبيرهم ورجاحة عقولهم وعلو هممهم! والملك الذي انتزعه أبو حفصي عمر بن الخطاب عليه سحائب الرحمة من الفرس والروم، حافظ عليه خلفاء الشجرة الطيبة من بني امية، الذين بددوا احلام الفرس واعوانهم ومن دار في فلكهم في استعادته! ليبقى تاريخ العرب صناع مجد المسلمين في صفحاته البيضاء الناصعة، رغم انوف المشككين الذين يحاولون تشويه تاريخ الامة ما امكنهم ذلك لا لشيء سوى دق اسفين الفرقة والشتات والتناحر بين ابناء الامة العربية والاسلامية، ولكن هيهات لهم ذلك؟ التاريخ خير شاهدي على مجد اسلافنا ما بقيت الدنيا!

 بني امية منهم من صنع التاريخ، وذاد عن حمى الاسلام وحفظ الامة وبنى الحضارة ووسع رقعة الدولة، ومنهم من اغرته الدنيا وتاج الملك وغرق في الترف والملذات شأنه بذلك شان سائر البشر؟ ومن المعيب ان يمسك البعض بالجانب السلبي الذي زاده اعداء الامة تشويها، ويترك الجانب المشرق من تاريخهم ومجدهم وملكهم الذي اسسه الصحابي الجليل معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه، معاوية وما ادراك ما معاوية؟ احد دهاة العرب وسادتها في الجاهلية والاسلام، فاتح عظيم وقائد سياسي محنك، فصيح اللسان، شجاع كريم، شهم حليم من اعظم خلفاء المسلمين.. اسلم يوم الحديبية وكتم اسلامه خشية ابيه، وائتمنه رسول الله صلى الله عليه وسلم على كتابة الوحي وشرفه بمصاهرته ودعا له «اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به) ثم اوصاه عليه الصلاة والسلام (يا معاوية اذا وليت امرا فاتق الله واعدل) شهد حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد اليمامة وساهم في قتل مسيلمة الكذاب، صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عنه الحديث، شارك في معركة اليرموك ووقع على وثيقة استلام مدينة القدس، قال عنه امير المؤمنين علي بن ابي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه وارضاه بعد عودته من صفين (لا تكرهوا امارة معاوية والله لئن فقتموه لكأني انظر الى الرؤوس تندر عن كواهلها) بايعه الحسن بن علي رضي الله عنه في الكوفة، ارسى قواعد الدولة الاسلامية وحماها من محاولات الفرس المستمرة واعوانهم تدميرها؟ تأمّر على الشام عشرين سنة، ثم اصبح اول خلفاء بني امية عشرين سنة اخرى الى ان توفي عليه رحمة الله ورضوانه سنة ستين للهجرة عن ثمانين عاما.

 تتالى الخلفاء العظام من بعده وازدهرت الحضارة الاسلامية وامتد نفوذها الى الاندلس غربا وحدود الصين شرقا، ثم حاصر سليمان بن عبدالملك القسطنطينية ورابط واستشهد في سبيل فتحها عليه رحمة الله، أنشئت الطرق الى الحجاز واقيمت المستشفيات وجعل لكل اعمى قائد ولكل مقعد خادم رواتبهم من بيت مال المسلمين، سكت اول عملة في الاسلام بعد ان كان المسلمون يتعاملون بالدراهم الفارسية والدنانير البيزنطية، وتم تنقيط كلمات القرآن الكريم.
بني امية فيهم عمر بن العزيز حفيد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه خامس الخلفاء الراشدين الذي اشتهر عهده بالعدل والرخاء حتى ان الرجل كان يخرج زكاة امواله فلا يجد من هو في حاجتها؟ هذا من قليل كثيرهم، وقطرة من عذب زُلالهم، ولا نحاسب بأعمالهم!! قال الله عز وجل (تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون)  

نقطة شديدة الوضوح:

  آل البيت عليهم السلام هم احفاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابناء فاطمة الزهراء عليها السلام واسد الله علي بن ابي طالب رضي الله عنه وارضاه ولعن قاتله ومن خذله وعاداه، وليس من محب لهم اشد منا ولا يبغضهم الا منافق يظهر الايمان ويبطن الكفر؟! ونحن نعرف قدرهم وفضلهم ومكانتهم ونحفظ لهم ذلك ولا نقبل المزايدة من احد، اما تاريخ السلف فقد مضى بأهله وأمر المحسن منهم والمسيء الى الله عز وجل وخير لهذه الامة ان تخرج من عقدة الماضي!! وتنظر الى واقعها المزري وحاضرها المرير، وتبحث لها عن مخرج لعلها تنهض من كبوتها وتوحد صفوفها رحمة بابنائها، ولكن هل يترك لها أعداؤها فرصة لذلك؟ الله اعلم!!!